أساسيات نظرية موجات إليوت

خالد القضاة - محلل أسواق مالية

2024-08-20 11:18:39

مقدمة

تمثل نظرية موجات إليوت واحدة من أهم الأدوات في التحليل الفني للأسواق المالية. تعتمد هذه النظرية على نمط متكرر من الحركات التي تعكس سيكولوجية المستثمرين على مدار الزمن. تُعتبر هذه النظرية جزءًا لا يتجزأ من فهم كيفية تحرك الأسعار في الأسواق المختلفة، سواء في سوق العملات، الأسهم أو السلع.

أكتشف رالف نيلسون إليوت هذه النظرية في الثلاثينيات من القرن الماضي عندما لاحظ أن السوق يتحرك في أنماط محددة قابلة للتوقع بناءً على التغيرات النفسية للمشاركين في السوق. يعتقد إليوت أن الأسواق لا تتحرك بشكل عشوائي، بل تسير وفق أنماط محددة يمكن قراءتها وتحليلها للتنبؤ بحركة الأسعار المستقبلية.

الأساس العلمي وراء النظرية

تعتمد نظرية موجات إليوت على مبدأ أن حركات السوق ليست عشوائية، بل تتبع دورات نفسية مشتركة. وفقًا لإليوت، هذه الدورات تتكون من موجات دافعة تتحرك في الاتجاه الرئيسي للسوق وموجات تصحيحية تعمل عكس الاتجاه.

الموجات الدافعة

تمثل الموجات الدافعة الحركات التي تتحرك في نفس اتجاه الترند الرئيسي للسوق. تتكون هذه الموجات من خمس موجات أصغر، ثلاث منها تتحرك في اتجاه الترند واثنتان تصحيحيتان.

  1. الموجة الأولى: هي بداية الاتجاه الجديد. غالبًا ما تبدأ هذه الموجة عندما يبدأ المستثمرون في الشراء بعد فترة من التشبع البيعي. تكون هذه الموجة غير واضحة لمعظم المستثمرين، حيث يتم اعتبارها جزءًا من التصحيح بدلاً من اتجاه جديد.
  2. الموجة الثانية: هي موجة تصحيحية تتبع الموجة الأولى. يمكن أن تكون هذه الموجة عبارة عن انسحاب طفيف في السوق، حيث يحاول بعض المستثمرين جني الأرباح بعد الحركة الأولى، لكنها لا تعكس بالكامل الحركة الصاعدة السابقة.
  3. الموجة الثالثة: هي الأطول والأقوى بين الموجات. في هذه المرحلة، يدرك معظم المستثمرين أن السوق يتحرك في اتجاه صعودي جديد، مما يدفعهم إلى الشراء بقوة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
  4. الموجة الرابعة: تمثل موجة تصحيحية أخرى بعد الموجة الثالثة القوية. عادة ما تكون هذه الموجة أقل حدة من الموجة الثانية.
  5. الموجة الخامسة: هي المرحلة الأخيرة من الحركة الدافعة. يمكن أن تكون هذه الموجة أقل قوة من الموجة الثالثة، ولكنها تمثل نهاية الاتجاه الصاعد قبل أن يبدأ التصحيح الكامل.

الموجات التصحيحية

بعد انتهاء الموجات الدافعة، يدخل السوق في مرحلة تصحيحية تتكون من ثلاث موجات، تُسمى الموجات التصحيحية ( A-B-C).

  1. الموجة   A: هي بداية التصحيح بعد انتهاء الموجة الخامسة. في هذه المرحلة، يبدأ المستثمرون في جني الأرباح، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
  2. الموجة  B: تكون موجة ارتداد صعودية داخل الاتجاه التصحيحي. قد يعتقد البعض أن السوق سيستأنف الاتجاه الصاعد، لكنها موجة تصحيحية داخلية.
  3. الموجة  C: هي المرحلة النهائية من التصحيح، حيث يتم استكمال التصحيح وتهبط الأسعار بشكل أكبر، مما يُهيء السوق لمرحلة جديدة من الموجات الدافعة.

 

الفراكتالات وأنماط الموجات - Fractals and Wave Patterns

إحدى الخصائص المميزة لنظرية موجات إليوت هي مفهوم الفراكتالات. يشير هذا المفهوم إلى أن كل موجة دافعة وتصحيحية تتكون من موجات أصغر بداخلها. على سبيل المثال، يمكن أن تتكون الموجة الأولى من خمس موجات أصغر، وكل موجة داخلية منها تتبع نفس هيكل الموجات الكبيرة. هذا يجعل السوق قابلاً للتحليل على مستويات زمنية متعددة، من الفترات الزمنية القصيرة مثل الدقائق إلى الفترات الطويلة مثل السنوات.

العلاقة بين موجات إليوت وفايبوناتشي

ترتبط نظرية موجات إليوت بشكل وثيق بتسلسل فايبوناتشي. تعتمد النظرية على نسب فايبوناتشي لتوقع نقاط التصحيح أو الارتداد المحتملة في السوق. على سبيل المثال، يمكن استخدام نسب مثل 38.2% و61.8% لتحديد مستويات الدعم والمقاومة الهامة. في كثير من الأحيان، تنتهي الموجات التصحيحية عند هذه المستويات.

كيفية استخدام نسب فايبوناتشي مع موجات إليوت

عندما ينتهي السوق من موجة دافعة (موجات 1-5)، يمكن للمتداول استخدام نسب فايبوناتشي لتحديد مستويات التصحيح المحتملة للموجة A-B-C. على سبيل المثال، إذا توقع المتداول أن السوق قد يدخل في مرحلة تصحيحية، يمكنه رسم نسب فايبوناتشي من قمة الموجة الخامسة إلى قاع الموجة الأولى لتحديد مستويات التصحيح الممكنة.

تطبيق موجات إليوت في التداول

تعتبر موجات إليوت أداة تحليلية قوية يمكن استخدامها لتحديد الفرص التجارية المثلى. من خلال فهم حركة الموجات، يمكن للمتداولين تحديد نقاط الدخول والخروج المثلى في السوق. إليك بعض الأمثلة على كيفية استخدام موجات إليوت في التداول.

1. تحديد الاتجاه الرئيسي للسوق

من خلال تحليل الموجات الدافعة والتصحيحية، يمكن للمتداول تحديد ما إذا كان السوق في مرحلة صعودية أو هبوطية. عندما يكتمل نمط الموجات الخمس، يمكن توقع دخول السوق في مرحلة تصحيحية، مما يوفر فرصة للمتداول للاستفادة من الاتجاه القادم.

2. الاستفادة من التصحيحات

يمكن استخدام موجات إليوت لتوقع مستويات التصحيح المحتملة. على سبيل المثال، إذا توقع المتداول أن السوق قد انتهى من موجة دافعة، يمكنه استخدام نسب فايبوناتشي لتحديد مستويات التصحيح المحتملة للموجة   A-B-C

3. التوقيت المثالي للدخول والخروج

عندما يكتمل نمط الموجة، يمكن أن تكون هذه إشارة للمتداول لدخول السوق أو الخروج منه. على سبيل المثال، إذا اكتملت موجة  C، يمكن أن تكون هذه إشارة للدخول في السوق حيث يتوقع أن يبدأ السوق في مرحلة دافعة جديدة.

4. دمج موجات إليوت مع المؤشرات الفنية الأخرى

يمكن تعزيز دقة التوقعات باستخدام موجات إليوت بالتزامن مع المؤشرات الفنية الأخرى. على سبيل المثال، يمكن للمتداول استخدام المتوسطات المتحركة أو مؤشر القوة النسبية (RSI) لتحديد نقاط الدخول والخروج بشكل أفضل.

أمثلة عملية لتطبيق نظرية موجات إليوت

مثال 1:  تداول التصحيح بعد الاتجاه الصاعد لليورو/الدولار الأمريكي

لنأخذ مثالاً على سوق الفوركس. إذا كنت تتداول زوج اليورو/الدولار الأمريكي ولاحظت أن السعر قد ارتفع بشكل كبير على مدار عدة أسابيع، يمكن تحليل هذا الارتفاع باستخدام موجات إليوت. يمكن تقسيم الحركة إلى خمس موجات دافعة، وتوقع أن الموجة الخامسة قد انتهت، مما يشير إلى بداية تصحيح محتمل.

بمجرد اكتمال الموجة الخامسة، يمكن استخدام نسب فايبوناتشي لتحديد مستويات التصحيح المحتملة. إذا ارتد السعر عند مستوى 61.8%، يمكن أن يكون ذلك إشارة على أن السوق قد استكمل التصحيح وأنه قد يبدأ في موجة دافعة جديدة.

مثال 2: الاتجاه الصاعد على سهم  Tesla

في تداول سهم Tesla، قد يبدأ السهم في الصعود المستمر بعد إعلان نتائج إيجابية. يمكنك تقسيم الحركة إلى خمس موجات دافعة وفقًا لموجات إليوت. الموجة الأولى تمثل بداية الاتجاه الجديد بعد فترة من الاستقرار، وتستمر الموجات الثالثة والخامسة في تحقيق ارتفاعات جديدة مع زخم كبير. خلال هذه الموجات، يمكن للمتداولين الدخول في صفقات شراء في كل موجة دافعة، مما يعزز فرص الربح.

تحديات تطبيق نظرية موجات إليوت

رغم الفوائد العديدة لنظرية موجات إليوت، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد يواجهها المتداولون عند تطبيقها:

  • صعوبة تحديد الموجات بشكل دقيق

قد يكون من الصعب تحديد الموجات بشكل دقيق، خصوصًا في الأسواق المتقلبة. قد يظهر السوق أنماطاً مربكة قد تجعل من الصعب تحديد الموجة التي يمر بها السوق.

  • الحاجة إلى خبرة واسعة

تتطلب نظرية موجات إليوت قدرًا كبيرًا من المعرفة والخبرة. يحتاج المتداول إلى فحص السوق بعناية والاعتماد على التقديرات الشخصية، مما قد يؤدي إلى اختلاف التفسيرات بين المحللين.

  • الاعتماد على أدوات أخرى

قد لا تكون نظرية موجات إليوت كافية بمفردها. يحتاج المتداولون إلى دمجها مع أدوات تحليل أخرى لتأكيد توقعاتهم وتجنب الخسائر.

الانتقادات التي وُجهت لنظرية موجات إليوت

على الرغم من شعبيتها، تعرضت نظرية موجات إليوت لانتقادات من قبل بعض المتداولين والمحللين. يرون أن النظرية قد تكون معقدة بشكل كبير، وأنها تعتمد على التفسيرات الشخصية. يرى بعض النقاد أن محاولات تحديد الموجات قد تكون عرضة للأخطاء في الأسواق المتقلبة.

ومع ذلك، لا يزال العديد من المتداولين يعتمدون على هذه النظرية كأداة تحليلية قوية تساعدهم في فهم حركة السوق واستغلال الفرص التجارية.

الخاتمة

نظرية موجات إليوت تعتبر من الأدوات التحليلية القوية التي تقدم إطارًا لتحليل تحركات السوق المتكررة. وعلى الرغم من أنها تواجه بعض التحديات، إلا أن استخدامها بالشكل الصحيح يمكن أن يكون مفيدًا للغاية في تحليل الأسواق المالية وتحديد فرص التداول المثالية.

 

تنبيه: هذا المحتوى هو معلومات تعبر عن رأي كاتبها فقط ولا يشكل نصيحة مالية أو إستثمارية، ولا تقدم شركة (ACY) أي تعهد أو ضمان فيما يتعلق بدقة أو إكتمال المعلومات المقدمة من قبل كاتب المحتوى، ولا تتحمل أي مسؤولية عن أي خسارة ناجمة عن أي إستثمار قائم على توصية أو تكهن أو معلومات مقدمة في هذا المحتوى.

 

作者

خالد القضاة هو محللنا للاسواق المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولديه أكثر من 6 سنوات من الخبرة في الأسواق المالية. بفضل دراسته وعمله في هذا المجال، طور فهماً عميقاً للعديد من جوانب الصناعة المالية: الاستثمار، المضاربة، والهندسة المالية. لديه العديد من المقالات المنشورة على مواقع استثمارية ومالية رئيسية، بالإضافة إلى عدة مقابلات على قنوات CNBC وBloomberg TV و SKY NEWS

价格仅供参考