أثار سقف الدين الأمريكي على الأسواق المالية

بدأ الوقت ينفد أمام إدارة "بايدن" والكونغرس للتوصل إلى اتفاق لرفع سقف الديون، حيث قالت وزيرة الخزانة "جانيت يلين" بأن الولايات المتحدة قد تتخلف عن السداد في أقرب وقت في 1 يونيو إذا لم يتخذ الكونجرس أي إجراء، وبالتالي ازداد قلق المستثمرون بشأن ما قد يحدث للإقتصاد إذا لم يتم رفع سقف الديون، ففي عام 2011 عندما تأخر رفع سقف الدين انهار سوق الأسهم الأمريكية وإنخفضت المؤشرات الرئيسية نحو 20%

كيف ستأثر أزمة سقف الديون على الأسواق المالية؟

بدايةً نتوقع أن النتيجة الأكثر ترجيحا هي التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة لرفع سقف الديون، تحديدًا بعد تفاؤل الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في إجتماعه الأخير بشأن التوصل لإتفاق لرفع سقف الدين ولهذا السبب شهدت المؤشرات تحقيق مكاسب مثل (DOW) و(S&P500) وبالتالي في حال إرتفع سقف الدين ستشهد أسواق الأسهم جميعها إرتفاع لتحقيق مكاسب.

لكن مع اقتراب الولايات المتحدة أكثر فأكثر من الموعد المحدد، يزداد توتر المستثمرين عما يجب عليهم فعله بإستثماراتهم لتجنب التعرض للأذى، لأنه في حال لم يتم رفع سقف الديون في الوقت المناسب، قد يتضرر بعض المستهلكين والعمال وقد تضطر الحكومة إلى تقليص المزايا والرواتب، و نتوقع أن نرى عمليات بيع حادة في سوق الأسهم وارتفاعا في أسعار الذهب والفضة، لأن الذهب يعتبر تحوطا ضد عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

لذلك، فهذه فرصة للمستثمرين للإستفادة من الذهب، لأن أزمة سقف الديون إيجابية لأسعار الذهب، فعندما يقترب الدين من السقف، لا تستطيع وزارة الخزانة إصدار سندات جديدة، ويجب أن تعتمد فقط على الضرائب لأنه سيتعين على الحكومة خفض الإنفاق بشكل جذري وبالتالي يضعف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى، مما سيفيد أسواق الذهب والفضة، حيث يتحرك الدولار وسوق المعادن الثمينة عادة في اتجاهين متعاكسين، كما أنه يمكن توجه المستثمرين للأسهم الدفاعية لأن الحكومة قد تحتاج إلى زيادة الإنفاق الدفاعي نتيجة لقضايا سقف الديون.

ماذا سيحدث في حال التخلف عن سداد الديون؟

قد ترتفع أسعار بطاقات الائتمان، لأن التخلف عن سداد ديون الخزانة يخلق تأثيرا مضاعفا يشعر به الجميع تقريبا في الولايات المتحدة، وخاصة أولئك الذين لديهم أي نوع من الإستثمار في الأسواق المالية أو القروض ذات الفائدة، مثل الرهن العقاري أو قرض السيارة أو بطاقة الائتمان، لأن الأثنين مرتبطان ارتباطا وثيقا بصحة الإقتصاد الأمريكي، وأكد أعضاء من البيت الأبيض "إن المخاطر الناجمة عن التخلف عن السداد ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأدوات المالية التي يستخدمها الأفراد والشركات وسندات الخزانة والرهون العقارية وأسعار الفائدة على بطاقات الائتمان".

تتوقع شركة التحليل الائتماني (Moody's Analytics) أن التخلف عن السداد سيؤدي إلى خفض حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) للولايات المتحدة، وانخفاض أسعار الأسهم بمقدار الثلث، ويؤدي إلى خفض الشركات لما يقرب من ستة ملايين وظيفة. علاوة على ذلك، يكشف تحليلها أن التخلف عن سداد سندات الخزانة الأمريكية يمكن أن يؤدي إلى انكماش مماثل للركود الكبير في أعوام 2007-2009.

ومن هنا باعتقادي أنه ستتمكن الحكومة الأمريكية من رفع سقف الدين وستشهد الأسواق المالية والأسهم جميعها انتعاش، وقد تكون الإجراءات الأقل تشددية جيدة لعودة ثقة المستثمرين تجاه أسواق الاسهم، وقد يتعرض الدولار الأمريكي للهبوط وذلك سيكون تحفيز للعملات الأخرى.

ونحن كمستثمرين ومتداولين في الأسواق المالية ننتظر إنخفاض في مؤشر نفقات الإستهلاك الشخصي ومؤشر أسعار المستهلكين مع ارتفاع على معدلات البطالة لكي يبدأ الفدرالي بتثبيت أسعار الفائدة ليقتنع بما يسمى (Fed Pivot)، لأن الفيدرالي أكد أنه سيعتمد على البيانات الإقتصادية فقط حتى يبدأ بخفض أسعار الفائدة. 

إليكم الرسم البياني لمؤشر ناسداك (Nasdaq) الذي يعد من أهم المؤشرات التي تتأثر بأزمة سقف الدين الأمريكي:

يتحرك المؤشر في قناة صاعدة، ووصل لنقطة مقاومة قوية عند 13,637، وصل المؤشر لهذه النقطة عام 2022 وهبط بعدها 11%، وفي حال لم تحل أزمة سقف الدين نتوقع أن نشهد مثل هذا الهبوط ويصل المؤشر لنقطة 12,062، لكن في حال تم رفع سقف الدين نتوقع أن يكسر المؤشر هذه المقاومة ويستمر بالصعود ليصل نقطة 14,188.