هل تنجح الصين في التصدي للعقوبات التجارية الأمريكية

د. نضال الشعار - كبير الإقتصاديين

2025-03-13 11:16:24

مقدمة

لدى الصين العديد من الأدوات والاستراتيجيات لمقاومة الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة. الصين لديها القدرة على امتصاص الصدمات بفضل اقتصادها الضخم، وسوقها الداخلية الواسعة، وتحكمها المركزي في السياسة الاقتصادية. لكن الحرب التجارية قد تؤثر على النمو الاقتصادي، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، والعلاقات مع الحلفاء التجاريين. قد تدفع هذه الحرب الصين إلى الاعتماد على ذاتها بشكل أكبر، وتعجيل تحولها إلى قوة تكنولوجية واقتصادية مستقلة. نعرض هنا بعض أساليب التصدي للحرب التجارية الأمريكية وهي كما يلي:

التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة

تعمل الصين على تنويع أسواقها التجارية، من خلال تعزيز العلاقات مع دول مثل الاتحاد الأوروبي، وآسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية. ودعم مبادرة الحزام والطريق لتعزيز التجارة والاستثمارات مع دول أخرى، وتقليل التأثير الأمريكي على اقتصادها.

تعزيز الابتكار والتكنولوجيا المحلية

الصين استثمرت بشكل مكثف في التكنولوجيا المحلية لتقليل اعتمادها على الشركات الأمريكية مثل Intel وQualcomm وMicrosoft.. دعم الشركات المحلية مثل هواوي وSMIC لتطوير أشباه الموصلات والاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة. إطلاق مشاريع وطنية مثل "صُنع في الصين 2025" لدعم التصنيع عالي التقنية وتقليل الاعتماد على التقنيات الأمريكية. كل ذلك سيسهم في حماية الاقتصاد الصيني.

استخدام سلاح التعريفات الجمركية والقيود التجارية

فرض تعريفات مضادة على المنتجات الأمريكية، مما سيؤثر على المزارعين الأمريكيين وقطاعي السيارات والطاقة. وتقليل استيراد السلع الزراعية الأمريكية مثل فول الصويا، والاعتماد على مصادر أخرى مثل البرازيل وروسيا.

التحكم في صادرات المعادن النادرة

الصين تحتكر إنتاج العديد من العناصر الأرضية النادرة (مثل النيوديميوم والديسبروسيوم) المستخدمة في الإلكترونيات والبطاريات والأسلحة المتطورة. يمكن أن تفرض قيودًا على تصدير هذه المعادن، مما يضغط على الشركات الأمريكية التي تعتمد عليها.

التوسع في التجارة بالعملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار

تعزيز دور الليوان الرقمي والعقود التجارية بعملات محلية مع شركاء تجاريين مثل روسيا والسعودية. وتقليل الاعتماد على نظام سويفت الدولي، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، من خلال تطوير بدائل مثلCIPS نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود.

كسب الحلفاء دبلوماسياً واقتصادياً

تحسين العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي ودفع اتفاقيات استثمار ثنائية. وتعزيز النفوذ الاقتصادي في أفريقيا وآسيا من خلال القروض والاستثمارات. وتعزيز علاقاتها مع روسيا من خلال الطاقة والتعاون العسكري والاقتصادي.

دعم الشركات الصينية ضد العقوبات الأمريكية

توفير الدعم المالي والتقني للشركات المتأثرة بالعقوبات، مثل هواوي وZTE.. وتطوير بدائل صينية للبرمجيات والتكنولوجيا الغربية، مثل HarmonyOS كبديل لنظام أندرويد.

الاستفادة من الانقسامات داخل الولايات المتحدة

الضغط على قطاعات اقتصادية أمريكية متضررة مثل المزارعين وشركات التكنولوجيا لدفعهم للضغط على الحكومة الأمريكية لتخفيف السياسات العدائية. واستغلال الاختلافات بين السياسيين الأمريكيين لتقليل الإجماع على التصعيد ضد الصين.

باختصار، ستستخدم الصين الابتكار، والاقتصاد المحلي، والتحالفات الدولية، والقيود التجارية لمواجهة الضغوط الأمريكية. وبالرغم من حدوث ضرر اقتصادي بسبب هذه العقوبات، ولكن الصين ستكوم قادرة على احتواء هذه الأضرار بشكلٍ مقبول.

 

تنبيه: هذا المحتوى هو معلومات تعبر عن رأي كاتبها فقط ولا يشكل نصيحة مالية أو إستثمارية، ولا تقدم شركة (ACY) أي تعهد أو ضمان فيما يتعلق بدقة أو إكتمال المعلومات المقدمة من قبل كاتب المحتوى، ولا تتحمل أي مسؤولية عن أي خسارة ناجمة عن أي إستثمار قائم على توصية أو تكهن أو معلومات مقدمة في هذا المحتوى.

 

autor

يعد الدكتور نضال الشعار شخصية مميزة في القطاعات المالية والإقتصادية وفي الأوساط الأكاديمية. شغل د. نضال منصب وزير الإقتصاد والتجارة في سوريا، ولديه خبرة واسعة في الأسواق والمؤسسات المالية، حيث شغل مناصب بارزة في شركات (Fannie Mae) و(Johnson & Higgins)  في واشنطن العاصمة.

يشتهر د. نضال بشكل خاص بعمله مع منظمة (AAOIFI) الدولية، حيث شغل منصب الأمين العام ومسؤولية تنظيم صناعة التمويل الإسلامي على مستوى العالم. د. نضال هو معلم ذو خبرة وكان أستاذاً مساعداً للإقتصاد والتمويل في جامعة (جورج واشنطن)، وقد ألف العديد من الكتب والمقالات العلمية في مجال البنوك والأسواق المالية.

حصل د. نضال على العديد من الجوائز التقديرية لعمله، حيث حصل على جائزة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتميز المصرفي في عام 2006 وتم تكريمه لمساهماته في تطوير الاقتصاد والتمويل الإسلامي، بما في ذلك ترشيحه مرتين لجائزة نوبل.

Los precios son solo indicativos