ربط الدينار الأردني بالدولار وتثبيت سعر صرف

نور البيطار - محللة أسواق مالية

2023-10-20 10:24:48

اتخذ البنك المركزي الأردني احدى اهم القرارات الإستراتيجية بربط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار الأمريكي في تشرين الأول عام 1995 عند 1.41 دولار لكل دينار وقد ثبت نجاح هذه السياسة وساعد نجاح سياسة الصرف هذه على الحد من الضغوط التضخمية والحفاظ على القوة الشرائية للمستهلكين وتم القضاء على مخاوف إمكانيه حدوث تراجع مفاجئ في سعر الصرف والتي اثرت بالسابق على قرارات الادخار والاستثمار في البلاد. وبالمزيد من الذكر يعتبر الدينار الأردني الأقوى عالميا ويأتي في المرتبة الرابعة من حيث القيمة مقابل الدولار بعد الدينار الكويتي والدينار البحريني والريال العماني بناء على غلاء العملات وليس قوتها.

تميزت سياسة الصرف الثابت هذه بالاستقرار والمصداقية العالية، حيث تمكن البنك المركزي من خفض معدلات الفائدة على الدينار الأردني إلى مستويات متماثلة مع الدولار الأمريكي، دون أن يؤثر ذلك سلبًا على حجم الادخار بالعملة المحلية. ولقد وصلت الاحتياطات النقدية بالدينار الأردني إلى ما يزيد عن 1.5 بليون دولار.

أما بالنسبة إلى التوازنات السياسية، فقد كان ربط الدينار بالدولار ليس قائما فقط على التوازن السياسي، إنما أيضا على مقدار استفادة الأردن من هذا الربط وقوة الدولار، وأمريكا لا تفرض على الأردن أن تربط الدينار مع الدولار، لأنها غير مستفيدة بشكل مباشر بينما الأردن مستفيدة بشكل مباشر لأن الدينار الأردني ليس عملة عالمية وهو ضعيف مقارنة مع عملات الدول الصناعية المتقدمة، وانعكست قوة الدولار بشكل مباشر على استقرار النظام النقدي الأردني خلال سنوات ما قبل الجائحة، ولكن ما حدث مؤخرا وخاصة في جائحة كورونا أنه تم طباعة تريليونات من الدولارات بما يقارب 4 ترليون دولار وهذا ما أضعف سعر صرف الدولار عالميا بنسبة 13% بسبب زيادة المعروض من الدولار، مما أثر وسيؤثر ذلك على المعاملات التجارية الخارجية من مستوردات الأردن وتكاليف الشحن والتأمين وبالتالي زيادة الأسعار داخل الأردن.

الدول التي تعتمد نظام صرف متغير لديها الخيار في تقليص قيمة عملتها مقابل الدولار عند الضرورة بهدف تقليل وارداتها من خلال رفع تكلفة المنتجات المستوردة في السوق المحلي. بالإضافة إلى ذلك، انخفاض سعر الصرف يمكن أن يجعل السلع المصدرة من هذه الدول أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.

ومع ذلك، فيما يتعلق بالأردن، صادراته تتألف أساسًا من المواد الخام مثل الفوسفات والبوتاس، وغالبًا ما يتم تسعير هذه الصادرات بالدولار. وبالتالي، تقليل قيمة الدينار مقابل الدولار قد لا يؤثر كثيرًا على قدرة هذه الصادرات على المنافسة في الأسواق العالمية.

أما بالنسبة للواردات، فإن تعويم العملة قد يؤدي إلى زيادة تكلفة الواردات، مما يؤثر بشكل سلبي على المستوردين. وهذا يمكن أن يكون أكثر تأثيرًا من تغير أسعار الواردات، حيث يمكن للمستوردين التعامل مع ذلك بتحويل انتباههم إلى البضائع التي تكلف أقل من الدول التي تعوِّم عملتها.

على سبيل المثال، قامت الصين بتثبيت سعر صرف اليوان مقابل الدولار الأمريكي عند معدل ثابت منذ عام 1997 وحتى يوليو 2005، مما سمح لها بالتحكم في تكلفة منتجاتها والمحافظة على تنافسيتها في الأسواق العالمية.

ينبغي أن يُعتبَر نظام سعر الصرف المعتمد جيدًا في النظر في جميع الجوانب المرتبطة بميزان المدفوعات، وهذه الجوانب تشمل الميزان التجاري وميزان الخدمات وحساب رأس المال. في الحالة الأردنية، نجد أن هناك عجزًا كبيرًا في الميزان التجاري، والذي ينشأ من انخفاض قيمة السلع المصدرة مقارنة بالسلع المستوردة، وهو أيضًا ناتج عن الفائض في ميزان الخدمات، والذي يتضمن الإيرادات الناتجة من السياحة وتدفق الحوالات المالية من الأردنيين العاملين في الخارج، وأيضًا صافي صادرات الخدمات المهنية.

هذا التفاقم في العجز في الميزان التجاري بالنسبة للأردن يعزى جزئيًا إلى الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمية، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف واردات النفط. إذا كان سعر برميل النفط يصل إلى 95 دولارًا، فإن فاتورة الواردات النفطية تشكل حوالي ربع إجمالي واردات البلاد. ونظرًا لأن النفط يُسعر بالدولار، فإن زيادة أسعاره قد لا تتناسب مع زيادة الطلب عليه، مما يجعل تعويم سعر الدينار مقابل الدولار لا يؤثر بشكل كبير على الجزء الكبير من إيرادات البلاد.

لماذا تطبع الولايات المتحدة الدولار وما هي الفائدة من زيادة إمدادات الدولار عالميًا؟ 

ويمكن أن نتساءل لماذا أمريكا تطبع الدولار وما الفائدة من زيادة عرض الدولار عالميا؟ أمريكا لديها منتجات راكدة بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة مع منتجات الصين، وانخفاض سعر صرف الدولار يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع والمنتجات لديها، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على المنتجات الأمريكية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى طباعة التريليونات وضخها في الأسواق تؤدي إلى تنشيط السوق الأمريكي وتهدئة المواطنين الأمريكيين وتحريك أسواق الأسهم والسندات والاستثمارات في ظل الجائحة من ناحية أخرى، كما أن طباعة تريليونات الدولارات قد ساهمت في بناء المختبرات الطبية والمستشفيات وتعزيز بعض القطاعات، بمعنى أن؛ الجائحة أعطت أمريكا شرعية في طباعة تريليونات من الدولارات كما أنها استفادت من الجائحة بتجميع نفسها وبيع منتجاتها وترشيق نظامها الصحي وأخذ نفس عميق يمكنها من مواجهة منتجات التنين الصيني المتدفقة .تأكيدا على هذه النقطة و تعزيزا لتصدير فان انخفاض الدولار يمكن ان يجعل يزيد من صادرات الولايات المتحدة و يساهم في تحقيق التوازن التجاري و من ناحيه أخرى يمكن للحكومة الأمريكية طباعة الأموال لسداد ديونها أو تمويل برامجها ومشاريعها دون الحاجة إلى زيادة الضرائب بشكل كبير.

 

تنبيه: هذا المحتوى هو معلومات تعبر عن رأي كاتبها فقط ولا يشكل نصيحة مالية أو إستثمارية، ولا تقدم شركة (ACY) أي تعهد أو ضمان فيما يتعلق بدقة أو إكتمال المعلومات المقدمة من قبل كاتب المحتوى، ولا تتحمل أي مسؤولية عن أي خسارة ناجمة عن أي إستثمار قائم على توصية أو تكهن أو معلومات مقدمة في هذا المحتوى.

 

Autor

نور البيطار هي محللة الأسواق المالية بشركة ACY Securities ولديها خبره في مجال إدارة المخاطر في الأسواق المالية وانهت دراستها في جامعة ادنبره نابير، واحده من افضل الجامعات في أسكوتلندا وعملت جاهدًا على تطوير ذاتها اثناء مسيرتها المهنية واكتساب خبرة عملية في تحليل اتجاهات السوق.

قدمت نور العديد من إستراتيجيات التداول الناجحة بالإضافة الى تحليلات دورية للأسواق المالية، وشاركت في العديد من الندوات التعليمية والتحليلية لسوق العملات.

Die Preise sind nur Richtwerte