حرب الرسوم الجمركية: الدولار أم اليوان؟

نور البيطار - محللة أسواق مالية

2025-03-05 14:43:51

التأثيرات المباشرة للرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين، لها آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى العلاقات التجارية بين البلدين بشكل خاص. هذا النوع من التصعيد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية سلبية على كل من الولايات المتحدة والصين، ويؤثر على الأسواق العالمية فما التأثيرات المباشرة للرسوم الجمركية على الصين والولايات المتحدة الامريكية؟ 

التأثيرات المباشرة للرسوم الجمركية:

  • على الصين: تعتبر الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية عاملاً مهماً في تعزيز تراجع القدرة التنافسية للمنتجات الصينية في السوق الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، ترد الصين برسوم انتقامية على المنتجات الأمريكية، وهو ما يعكس تصعيدًا في النزاع التجاري. فرض رسوم على المنتجات الزراعية الأمريكية، مثل اللحوم والحبوب، قد يؤثر على هذه القطاعات بشكل كبير.
  • على الولايات المتحدة: الرسوم الجمركية على السلع الصينية ترفع تكاليف السلع المستوردة من الصين، ما يؤدي إلى التضخم في السوق الأمريكي. هذا التضخم يمكن أن يؤثر على الاستهلاك الداخلي ويقلل من القدرة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين. إضافة إلى ذلك، إذا قامت الصين بتخفيض قيمة اليوان، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الضغط على الصناعات الأمريكية التي تعتمد على السلع الصينية بأسعار أقل.

تأثير سعر اليوان:

  • تخفيض قيمة اليوان: إذا قررت الصين تخفيض قيمة اليوان، فإن السلع الصينية ستصبح أكثر تنافسية في الأسواق العالمية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الضغط على الشركات الأمريكية التي ستواجه تحديات في التنافس مع المنتجات الصينية الأرخص. لكن في نفس الوقت، قد تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة أسعار السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، مما يساهم في ارتفاع التضخم.
  • تعزيز أو تثبيت قيمة اليوان: إذا تم تثبيت أو تعزيز قيمة اليوان، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل القدرة التنافسية للسلع الصينية في الأسواق العالمية، ويضعف قدرة الصين على تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة والدول الأخرى بأسعار تنافسية.

ما مدى تأثيرها على الاقتصاد العالمي؟

تتأثر العديد من القطاعات العالمية بسبب هذه الحرب التجارية، مثل قطاع التصنيع في الصين الذي يتباطأ بسبب الرسوم الجمركية. هذا التباطؤ في النشاط الصناعي في الصين يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في الطلب على المواد الخام، بما في ذلك النفط. هذا بدوره يؤثر على أسعار النفط في الأسواق العالمية، مما ينعكس على الاقتصاد الكلي بشكل عام.

الدولرة وتحدياتها:

الدولرة تشير إلى الاعتماد الواسع على الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية الدولية وحجز الاحتياطيات النقدية. على الرغم من هيمنة الدولار لعدة عقود، فإن هناك رغبة متزايدة من بعض البلدان لتقليص هذه الهيمنة بسبب عدة عوامل مثل:

  • التقلبات الاقتصادية والسياسية: التوترات التجارية والسياسية، مثل الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، قد تجعل الدول أكثر رغبة في تقليل تعرضها للمخاطر المرتبطة بالدولار.

الضغط على الاقتصادات المحلية: اعتماد الدول على الدولار قد يعرضها لتقلبات في أسواق الصرف وسعر الفائدة، مما قد يؤثر سلبًا على استقرار اقتصاداتها

اليوان كبديل محتمل؟

  • نمو قوة الاقتصاد الصيني: يعد اليوان مرشحًا طبيعيًا لهذا الدور، حيث يشهد الاقتصاد الصيني نموًا مستمرًا في العقدين الأخيرين، مما يعزز من دور الصين في الاقتصاد العالمي. الصين أيضًا تسعى جاهدة لتوسيع استخدام اليوان في التجارة الدولية من خلال سياسات متعددة مثل مبادرات "الحزام والطريق" التي تشجع الدول على استخدام اليوان في المعاملات التجارية.
  • المبادرات الصينية: الصين قامت بإنشاء أسواق مالية متقدمة وتطوير آليات لتسوية المعاملات التجارية باستخدام اليوان، بالإضافة إلى طرح اليوان الرقمي (اليوان الرقمي هو عملة رقمية تديرها الدولة) التي قد تكون خطوة نحو تعزيز استخدام اليوان على مستوى عالمي.

ما هي التحديات التي تواجه اليوان؟

  • التحكم في رأس المال: الصين لا تزال تفرض قيودًا على تدفق رأس المال عبر حدودها، مما قد يحد من استخدام اليوان كعملة احتياطية عالمية.
  • الثقة والشفافية: بالنسبة للعديد من الدول، لا تزال الشفافية والنظام المالي في الصين يعدان من النقاط التي قد تبعث على القلق فيما يتعلق باستخدام اليوان كعملة احتياطية.

ما دور اليوان في المستقبل؟

من المتوقع أن يتم تقليص هيمنة الدولار في التجارة الدولية على مدار عدة عقود، ولكن ذلك سيكون تدريجيًا. الصين ستستمر في تعزيز مكانة اليوان من خلال اتفاقيات ثنائية مع دول أخرى لتمويل التجارة باستخدام اليوان، مما قد يساهم في تراجع حصص الدولار في بعض الأسواق.

الرسوم الجمركية ليست مجرد إجراء اقتصادي، بل هي أداة سياسية لها تأثيرات ممتدة على العلاقات التجارية بين الدول. في حالة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تلعب قيمة اليوان دورًا حاسمًا في تحديد مستوى التنافسية بين اقتصادات البلدين، ويعزز التوترات في الأسواق العالمية التي قد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي على نطاق واسع.

وفي النهاية، يظهر أن الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين تؤثر بشكل كبير على الاقتصادين المحليين والعالميين. على الرغم من أن هذه السياسات قد تكون أداة استراتيجية في النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، إلا أن تأثيراتها تشمل زيادة التضخم، تقليص القدرة التنافسية، وتهديد الاستقرار الاقتصادي في أسواق أخرى. كما أن دور اليوان في تقليص هيمنة الدولار في التجارة العالمية يعد مسارًا طويل الأمد، لكنه قد يشهد تطورًا تدريجيًا بناءً على القوة الاقتصادية المتزايدة للصين.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه اليوان، مثل القيود على تدفق رأس المال وقضايا الشفافية، إلا أن المبادرات الصينية في تعزيز استخدام اليوان على المستوى الدولي ستسهم في إعادة هيكلة النظام المالي العالمي على المدى البعيد. سيستمر هذا التحول في التأثير على التجارة العالمية والاقتصادات الوطنية، مما يعكس الديناميكيات المعقدة التي تحكم الاقتصاد العالمي اليوم.

 

تنبيه: هذا المحتوى هو معلومات تعبر عن رأي كاتبها فقط ولا يشكل نصيحة مالية أو إستثمارية، ولا تقدم شركة (ACY) أي تعهد أو ضمان فيما يتعلق بدقة أو إكتمال المعلومات المقدمة من قبل كاتب المحتوى، ولا تتحمل أي مسؤولية عن أي خسارة ناجمة عن أي إستثمار قائم على توصية أو تكهن أو معلومات مقدمة في هذا المحتوى.

 

المؤلف

نور البيطار هي محللة الأسواق المالية بشركة ACY Securities ولديها خبره في مجال إدارة المخاطر في الأسواق المالية وانهت دراستها في جامعة ادنبره نابير، واحده من افضل الجامعات في أسكوتلندا وعملت جاهدًا على تطوير ذاتها اثناء مسيرتها المهنية واكتساب خبرة عملية في تحليل اتجاهات السوق.

قدمت نور العديد من إستراتيجيات التداول الناجحة بالإضافة الى تحليلات دورية للأسواق المالية، وشاركت في العديد من الندوات التعليمية والتحليلية لسوق العملات.

الأسعار إرشادية فقط